إن الحياة الزوجية هي ميدان من ميادين الحياة المتعددة وينبوع من ينابيع الحب الصافي ,
إن الذي يعيش خارج هذا الجو العائلي يحتاج أن يتدارك نفسه في هذه الحياة فيتزوج إن كان أعزب ,
أو يعاود الكرة إن كان قد تزوج ثم طلق ,
فكل من أبتعد عن هذا الجو يعيش في عزلة وقد حرم نفسه من تنفس أجواء المحبة ,
فأصبح في معزل يعيش على هامش الحياة وقد حرم من هذه المتعة ,
إني أحزن كثيرا أذا سمعت أن نسبة العنوسه في بلاد المسلمين في ازدياد وتصاعد ,
وأن عددا كثيرا من فتياتنا قد فاتهن سن الزواج ولم يسبق لها أن طرق بابها خاطب ,
والذي يؤلمني كثيرا بعض الشباب الذي مازال يعتقد أنه لم يحن الوقت المناسب للزواج وقد تجاوز الثلاثين من عمره وهو يملك القدرة على استئجار منزل و بيده وظيفة والحال ميسور
, فهناك إذا عقبة وعقده نفسية لا تعلم كيف نشئت وكيف تحل إذا لم يتعاون صاحبها في كشفها وبيانها حتى توضع الحلول المناسبة لها ,
وهؤلاء الشباب الذي نعنيهم بحديثنا ليسوا المتهاونين في الدين , المضيعين لحدود الله بل هم من خيرة الشباب ولكنهم يعانون من مشكلة في اتخاذ القرار ,
و يسوفون ويؤخرون حتى أن بعضهم شارف على الأربعين وهو يقول قريبا أفعل إنشاء الله ,
فلو ذاق هؤلاء حلاوة حياة الأسرة و الأبناء وعطف الزوجات و " دلعهم " على أزواجهم لما تأخروا ساعة ,
ولكن طال عليهم الأمد و قست قلوبهم فعسى أن تلين وتتجاوب مع نداء أبائهم وأمهاتهم للقبول بسنة الزواج والدخول في معترك الحياة الحقيقي ,
ولكن ما نريد أن نتعرض له في هذه العجالة إلى كيف تحافظ المرأة على زوجها الذي بدأ يتفلت في كثير من الأسر ويهجر بيته وأطفاله ليقع فريسة أخطاء وأوهام يظن أنها تخلصه من مشاكل الأسرة ,
فما يلبث أن يرى أسرته قد تهاوت وسقطت و قد فقد كل ما بناه وتعب عليه سنين طويلة ,
إن المرأة الصالحة يجب أن لا تقف مشدوهة مكتوفة الأيدي ترى بيتها يسقط ويتهاوى ولا تحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها , بل بعضهن تتمنى الانفصال عن زوجها بل وتساهم في تدهور الأوضاع حتى بزعمها أنها ترتاح من هذا الرجل وتلك المشاكل
, ولا تدري أن مشاكل الطلاق وتربية الأبناء بدون أب أسوء بكثير من المشاكل التي كانت تعاني منها ,
إن على المرأة أن تعمل في جد وإخلاص كما عهدها المجتمع المسلم وتحول بين أن يتسلل إلى بيتها إنسان مغرض رجل كان أو امرأة قريبا كان أو بعيدا ,
ليس له هدف إصلاحي إلا إنه مغرض وحسود يريد بذلك هدم بيتها التي اشتركت هي مع زوجها في تأسيسه بعد ما مضى من عمرهما الكثير وهم يبنونه لبنة بعد لبنة ,
وقد رزقهم الله في ذلك البيت طفلا بعد طفل , ثم بعد هذا الإنجاز الكبير وبعد هذه السنين الطويلة وبسبب خصومة بسيطة أو سؤ فهم تطلب من زوجها الطلاق وتصر على رأيها ,
بل بعضهن هداهن الله لا تقبل التراجع عن قرار الانفصال , فتنقلب حياة تلك الأسرة إلى مشاكل وفتن تصل بهم إلى مشاحنات وتشنجات ثم تنتهي بالطلاق
, إن على المرأة العاقلة أن تتحلى بالصبر وتتذكر عواقب الأمور , وتعلم أن المرارة التي تمر بها هي وزوجها إنما بسبب الذنوب والتقصير في حق الله وبسبب بعدهما عن الجو ألأيماني , لذلك سلط الله عليهما هذه الغمامة ,
ولا بد أن تنجلي أذا وجد صبر من الطرفين وحسن تصرف ومحاورة هادئة , فكثير من النساء يقعن في أخطاء و ليتهن يحذرن منها وسنعرض بعضها للتذكير فإن الذكرى تنفع المؤمنين :
أولا : على المرأة أن تتذكر أن زوجها بشر وليس ملك معصوم لا يقع منه الأخطاء , فإذا وقع منه خطأ فعليها مراجعته بلطف حتى يقبل منها الإرشاد والتوجيه , فلا تعامليه كأحد أبنائك بالتوبيخ والتغليظ , بل له معاملة خاصة يجب مراعاتها عند حل المشاكل, ويجب الحفاظ على هيبته في المنزل .
ثانيا : بعض الأمور البسيطة لا تحتاج إلى مراجعة والوقوف على كل صغيرة وكبيرة , بل يجب غض الطرف عنها وتمريرها واعتبارها وقعت سهوا , حتى لا يكون الجو المنزلي مشحون على الدوام .
ثالثا : بعض النساء تأخذ تجارب صديقاتها مع أزواجهم وقسوتهم عليهم فتقوم بالتطبيق حرفيا , ولا تعلم هذه المسكينة أنه ربما يراد بها شرا وفتنة فتقع فيما يخطط له , فلا تستمعي لتوجيهات قد توصلك إلى المصادمة مع زوجك .
رابعا : أن بعض المتزوجين الجدد يبدأ حياته بقاعدة " العين الحمراء " فتقوم المرأة بمقاومة تلك النظرات وترفض الانصياع وتنشئ بسببها المشاكل , فعليها أن تتركها كما هي عين حمراء ثم تتقرب إليه بجمالها وأنوثتها وعذوبة لسانها , ثم ترى كيف تختفي تلك العين الحمراء لتصير "عين عسلية " وتعيش في حب وسعادة وعسل .
خامسا : كثير من النساء لا تستشير أحدا إلا إذا وقعت في مشكلة كبيرة , وإذا سئلت من قبل أقرب الناس لها تقول أنا في أحسن حال , فتظن هي أنها البيت الوحيد الذي يعاني من مشاكل فتقوم بستر حالها على ما هي عليه , ثم يتفا جئ أهلها أن وضعها أصبح على الهاوية على شفير الطلاق , فلا تنتظري كل هذا الوقت بل بادري بالسؤال والاستشارة بمن تثقين به.
سادسا : إن معظم مشاكل البيوت هو تعارض أفكار وترتيبات وإصرار كل منهما على رأيه , فلو تنازلت المرأة إذا رأت تشدد من زوجها في تلك المسألة وقدمت رأيه على رأيها , لانتهت كثير من المشاكل , يقولون أن زوجين حديثين اختلفا في وضع مكان التلفزيون في الصالة وأدى ذلك الاختلاف إلى زعل وخصام ثلاثة أشهر حتى تصالحا بعد تدخل كبار العائلة لحل هذه المعضلة .
سابعا : إذا وصلت الأمور عند مسألة الطلاق أو حتى التفكير فيه فأنا أقول أن هذا خط أحمر يجب أن يعلن فيه الاستنفار من قبل الزوجة , ولا تجعل الأمور تصل إلى هذا الحد مهما كان السبب , حتى ولو كان الحق معها , يجب عليها التراجع سريعا وإصلاح الأمور بكل عقل وسياسة وحكمة ولا تلتفت إلى أي معارض يعده أهانه لها .
ثامنا : أن الرجل عموما سريعا الغضب وكذلك هو سريعا الرضا , فلا تجعلي الأمور تتفاقم كثيرا بل عالجي الأمور سريعا في ساعاته الأولى فذلك أسهل للعلاج , قبل أن ينفخ فيها الشيطان وتتحجر القلوب ويطول الوقت ويصعب العلاج .
تاسعا : إن الرجل أثناء الغضب ينسى محاسن زوجته وينسى كل شيء , فلا تظنين أنه سيتذكر أيامك الحلوة وهو مازال في حال الغضب , بل سيستمر في التناسي وسيذكره الشيطان بكل سيئة لكي حتى ولو كانت صغيرة , فاجتهدي في إزالة غضبه سريعا بالاعتذار , فسيتذكر بعدها محاسنك وتعود إليه الذكريات الجميلة.
عاشرا : تذكري أجرك عند الله أذا بدأته بالسلام , والصفح عن الماضي , إن مكارم الأخلاق يجب أن تكون في جانبك أعلى قدرا منه أثناء غضبه , حتى يتعلق بك أكثر ويتذكر صبرك عليه وكيف كان قاسيا معك , فلعله يندم .
الحادي عشر : أذا تأزمت الأمور أبحثي عن أقرب الأبناء إلى قلبه واجعليه يتدخل ليصلح بينكما لا ليكون في صفك ضده ولا ليخطئه , ولكن يقسم له بالله أن أمي لم تقصد أن تغضبك بل أخطأت في التصرف , وهي تحبك كثيرا ونحن جميعا لا نستغني عنك , وهذا له أثر في تصفية النفوس ومعالجة المواقف المتشددة .
الثاني عشر : أن كنت صاحبة مال وظيفة , فلا تذكرية بأفضالك عليه ومواقفك معه فتلك منة لا يقبلها الرجل ولا تصلح ذكرها أثناء الخصومة , فإن الرجل أثناء الخصومة يقسو قلبه ولا يحب أعادة هذه الأمور على مسامعه و هي لا تحل إشكال بل تزيده تعقيدا .
الثالث عشر : عند حدوث المشاكل لا تحاولي الهروب من المنزل إلى منزل أبيك أو منزل أخيك بل أمكثي في المنزل وتابعي حل المشاكل بدون انقطاع وبهدوء أعصاب أثناء التحاور , فإن ابتعاد الطرفين عن التواصل والمحاورة يصعب من حل المشكلة .
الرابع عشر : لا تسهلي له أيضا مغادرة المنزل والذهاب إلى مكان أخر , بل أقنعيه بالبقاء مع الحوار ومعالجة الأمور بالحكمة وعدم هجر غرفة نومه , فبقاء الزوجين متواجدين في المنزل مع المحاورة يحل كثير من الأشكال , ويبعد الأطفال عن التوتر .
الخامس عشر : من أنجع الطرق وأسرعها لعلاج الخصام بين الزوجين( كما يذكرها بعض المتزوجين ) دعوة الزوجة لزوجها إلى الفراش بعد التجمل له بالزينة والطيب والتعرض له وتذكيره بأيام الزواج الأولى , فهذه تغسله وتنسيه ما كان وتفتح معه صفحة جديدة , فإن الرجال يغرمون بجاذبية المرأة ويستجيبون لنسائهم حتى في وقت الخصام .
السادس عشر : لا بد أن تعطي المرأة الوقت الكافي لحل أي مشكلة , فبعض المشاكل تحل في ساعه وبعضها في يوم وبعضها تأخذ أسبوع وبعضها تأخذ شهر وهكذا , ولكن تحل بأذن الله مع الإصرار وحسن الأسلوب وصفاء النية والدعاء .
ختاما هذه بعض المقتطفات التي تساعد على ترابط الزوجين عند حدوث المشاكل , و نتمنى لكل بيت أن ينعم بالهدوء والطمأنينة وأن ينعم أبنائهم بالسعادة وأن يعلم كل زوجين أن البيوت يعتريها أحيانا الخلاف والمشاكل , ولكن يبقى التماسك بينهما قائم أذا أدرك الزوجان أن الحفاظ على أسرتهما مقدم على كل شيء وأنه لا يجب التفريط فيها فحينئذ تستمر الحياة الزوجية وتستمر المحبة والمودة في بيوتنا --------
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
منقول