باندة الاسكندرية بنوتة برونزية
عدد المساهمات : 490 تاريخ التسجيل : 29/11/2010 الجنس : العمر : 50
| موضوع: بطل فوق الصليب الجمعة ديسمبر 31, 2010 1:01 am | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][size=21]الْآَن..
افْسَحُوْا الْطَّرِيْق لِهَذَا الْبَطَل ..
وَتَعَالَوْا مِن كُل صَوْب وَمِن كُل مَكَان ..
تَعَالَوْا، خِفَافا وَثِقَالا ..
تَعاولُوا مُسْرِعِيْن، وخَاشِعِين ..
وَأَقْبَلُوَا ,، لِتُلَقَّنُوا فِي الْفِدَاء دَرْسَا لَيْس لَه نَظِيْر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
تَقُوْلُوْن: أَوْكَل هَذَا الَّذِي قَصَّت عَلَيْنَا مِن قَبْل لَم تَكُن دُرُوسَا فِي الْفِدَاء لَيْس لَهَا نَظِيْر ..؟؟
أَجَل كَانَت دُرُوسَا ..
وَكَانَت فِي رَوْعَتِهَا تَجِل عَن الْمَثِيْل وَعَن الْنَّظِيْر ..
وَلَكِنَّكُم الْآَن أَمَام أُسْتَاذ جِدِيْد فِي فَن الْتَّضْحِيَة ..
أُسْتَاذ .. لَو فَاتَكُم مَشْهَدِه ,، فَقَد فَاتَكُم خَيْر كَثِيْر ، جَد كُثِّير ..
الَيْنَا يَا أَصْحَاب الْعَقَائِد فِي كُل أُمَّة وَبَلَد ..
الَيْنَا يَا عُشَّاق الْسُّمُو مِن كُل عَصْر وَأَمَد ..
وَأَنْتُم أَيْضا يَا مَن أَثِقُلَكُم الْغُرُوْر ,، وَظَنَنْتُم بِالْأَدْيَان وَالْايْمَان ظَن الْسَّوْء ..
تَعَالَوْا بِغَرورِكُم ..!
تَعَالَوْا وَانْظُرُوْا أَيَّة عِزَّة، وَأَيَّة مَنَعَة، وَأَي ثُبَات ,، وَأَي مُضَاء .. وَأَي فِدَاء .. وَأَي وَلَاء ..
وَبِكَلِمَة وَاحِدَة ,, أَيَّة عَظَمَة خَارِقَة وَبَاهِرَة يُفِيْئُهَا الْايْمَان بِالْحَق عَلَى ذَوِيْه الْمُخْلَصِيْن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
أَتَرَوْن هَذَا الْجُثْمَان الْمَصْلُوْب ..؟؟
انَّه مَوْضُوْع حَلْقَتِنا الْيَوْم، يَا كُل بَنِي الْانْسَان ..!
هَذَا الْجُثْمَان الْمَصْلُوْب أَمَامَكُم هُو الْمَوْضُوْع ,، وَهُو الْدَّرْس، وَهُو الاسْتَاذ ..
اسْمُه خُبَيْب بْن عَدِي .
انَّه شَرَف لِكُل انْسَان .. مِن كُل دِيْن، وَمِن كُل مَذْهَب، وَمِن كُل جِنْس، وَفِي كُل زَمَان ..!!
انَّه مِن أَوْس الْمَدِيْنَة وَأَنْصَارُهَا .. تَرَدُّد عَلَى رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مُذ هَاجَر الَيْهِم، وَآَمَن بِاللَّه رَب الْعَالَمِيْن ..
كَان عَذْب الْرُّوْح، شَفَّاف الْنَّفْس .. وَثِيْق الْايْمَان، رَيَّان الْضَّمِيْر ..
كَان كَمَا وَصَفَه حَسّان بْن ثَابِت:
صَقْرَا تَوَسَّط فِي الْأَنْصَار مَنْصِبُه
سُمِح الشَّجِيّة مَحْضَا غَيْر مُؤْتَشَب
وَلَمَّا رُفِعَت غَزْوَة بَدْر أَعْلَامِهَا، كَان هُنَاك جَنْدَيَّا بِاسِلِا، وَمُقَاتِلَا مِقْدَامُا .. وَكَان مِن بَيْن الْمُشْرِكِيْن الَّذِيْن وَقَّعُوا فِي طَرِيْقِه ابّان الْمَعْرَكَة فَصَرَعَهُم بِسَيْفِه الْحَارِث بْن عَمْرِو بْن نَوْفَل ..
وَبَعْد انْتِهَاء الْمَعْرَكَة، وَعَوْدَة الْبَقَايَا الْمَهْزُومَة مِن قُرَيْش الَى مَكَّة .. عُرِف بَنُو الْحَارِث مَصْرَع أَبِيْهِم .. وَحَفِظُوْا جَيِّدَا اسْم الْمُسْلِم الَّذِي صَرَعَه فِي الْمَعْرَكَة : خُبَيْب بْن عَدِي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
**
وَعَاد الْمُسْلِمُوْن مِن بَدْر الَى الْمَدِينَة، يُثَابِرُون عَلَى بِنَاء مُجْتَمَعُهُم الْجَدِيْد ..
وَكَان خُبَيْب عَابِدا، وَنَاسِكا، يَحْمِل بَيْن جَبِيْنِه طَبِيْعَة الْنَّاسِكِين، وَشَوْق الْعَابِدِيْن .. هُنَاك أَقْبَل عَلَى الْعِبَادَة بِرُوْح عَاشِق .. يَقُوْم الْلَّيْل، وَيَصُوْم الْنَّهَار، وَيُقَدِّس لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن ..
**
وَذَات يَوْم أَرَاد الْرَّسُوْل صَلَوَات الْلَّه وَسَلَامُه عَلَيْه أَن يَبْلُو سَرَائِر قُرَيْش .. وَيَتَبَيَّن مَا تَرَامَى الَيْه مِن تَحَرُّكَاتِها ,, وَاسْتِعْدَادَهَا لِغَزْو جَدِيْد .. فَاخْتَار مِن أَصْحَابِه عَشَرَة رِجَال .. مِن بَيْنِهِم خُبَيْب وَجَعَل أَمِيِرُهُم عَاصِم بْن ثَابِت ..
وَانْطَلَق الْرَّكْب الَى غَايَتُه حَتَّى اذَا بَلَغُوْا مَكَانا بَيْن عُسْفَان وَمَكَّة .. نُمِي خَبَرَهُم الَى حَي مِن هُذَيْل يُقَال لَهُم بَنُو حَيَّان .. فَسَارِعُوَا الَيْهِم بِمِائَة رَجُل مِن أَمْهَر رُمَاتِهُم ,, وَرَاحُوْا يَتَعَقِبُّونَهُم، وَيَقْتَفُون آَثَارِهِم ..
وَكَادُوْا يُزِيغُون عَنْهُم، لَوْلَا أَن أُبْصِر أَحَدُهُم بَعْض نَوَى الْتَّمْر سَاقِطا عَلَى الْرِّمَال .. فَتَنَاوَل بَعْض هَذَا الْنَّوَى وَتَأْمَلُه بِمَا كَان لِلْعَرَب مِن فَرّاسَة عَجِيْبَة ,,
ثُم صَاح فِي الَّذِيْن مَعَه: " انَّه نَوَى يَثْرِب، فَلِنُتَبَعْه حَتَّى يَدُلُّنَا عَلَيْهِم "..
وَسَارُوْا مَع الْنَّوَى الْمَبْثُوْث عَلَى الْأَرْض .. حَتَّى أَبْصَرُوا عَلَى الْبُعْد ضَالَّتَهُم الَّتِي يَنْشُدُون .. وَأُحِس عَاصِم أَمِيْر الْعَشَرَة أَنَّهُم يُطَارِدُوْن ,, فَدَعَا أَصْحَابِه الَى صُعُوْد قِمّة عَالِيَة عَلَى رَأْس جَبَل ..
وَاقْتَرِب الْرُّمَاة الْمِائَة، وَأَحَاطُوْا بِهِم عِنْد سَفْح الْجَبَل و وَأَحْكَمُوْا حَوْلَهُم الْحِصَار .. وَدَعَوْهُم لِّتَسْلِيْم أَنْفُسِهِم .. بَعْد أَن أَعْطُوَهُم مُوَثِّقا أَلَا يَنَالُهُم مِنْهُم سُوَء ..
وَالْتَفَّت الْعَشَرَة الَى أَمِيِرُهُم عَاصِم بْن ثَابِت الْأَنْصَارِي رَضِي الْلَّه عَنْهُم أَجْمَعِيْن .. وَانْتَظِرُوَا بِمَا يَأْمُر ..
فَاذَا هُو يَقُوْل:" أَمَّا أَنَا، فَوَاللَّه لَا أَنْزِل فِي ذِمَّة مُشْرِك .. الْلَّهُم أَخْبِر عَنَّا نَبِيَّك"..
وَشَرَع الْرُّمَاة الْمِائَة يَرْمُوْنَهُم بِالْنِّبَال.. فَأُصِيْب أَمِيِرُهُم عَاصِم وَاسْتُشْهِد ,، وَأُصِيْب مَعَه سَبْعَة وَاسْتَشْهِدُوْا .. وَنَادَوْا الْبَاقِيْن، أَن لَهُم الْعَهْد وَالْمِيَثَاق اذَا هَم نَزَلُوْا ..
فَنَزَل الْثَّلاثَة: خُبَيْب بْن عَدِي وَصَاحِبَاه .. وَاقْتَرِب الْرُّمَاة مِن خُبَيْب وَصَاحِبُه زَيْد بْن الْدَّثِنَّة ,, فَأَطْلَقُوْا قِسِيِّهِم، وَرَبَطُوهُمَا بِهَا ..
وَرَأَى زَمِيْلُهُم الْثَّالِث بِدَايَّة الْغَدْر .. فَقَرَّر أَن يَمُوْت حَيْث مَات عَاصِم وَاخْوَانِه .. وَاسْتُشْهِد حَيْث أَرَاد ..
وَهَكَذَا قَضَى ثَمَانِيَة مِن أَعْظَم الْمُؤْمِنِيْن ايْمَانا، وَأَبَرِّهِم عَهْدَا، وَأَوْفَاهُم لِلَّه وَلِرَسُوْلِه ذِمَّة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وَحَاوَل خُبَيْب وَزَيْد أَن يَخْلُصَا مِن وَثَاقَهُما ,، وَلَكِنَّه كَان شَدِيْد الْاحْكَام .!! وَقَادُهُما الْرُّمَاة الْبُغَاة الَى مَكَّة .. حَيْث بَاعُوْهُمَا لْمُشرِكِيُّهَا ..
وَدَوَّى فِي الْآذَان اسْم خُبَيْب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وَتَذَكَّر بَنُو الْحَارِث بْن عَامِر قَتِيْل بَدْر .. تَذَكَّرُوْا ذَلِك الِاسْم جَيِّدَا ,، وَحَرِّك فِي صُدُوْرِهِم الْأَحْقَاد .. وَسَارِعُوَا الَى شِرَائِه. وَنَافَسَهُم عَلَى ذَلِك بُغْيَة الانْتِقَام مِنْه أَكْثَر أَهْل مَكَّة .. مِمَّن فُقِدُوا فِي مَعْرَكَة بَدْر آَبَاءَهُم وَزُعْمَاءَهُم ..
وَأَخِيْرا تَوَاصَوْا عَلَيْه جَمِيْعا وَأَخَذُوا يُعَدَّوْن لْمَصِير يَشْفِي أَحْقَادِهِم , لَيْس مِنْه وَحْدَه، بَل وَمِن جَمِيْع الْمُسْلِمِيْن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وَوَضَع قَوْم أَخَرُون أَيْدِيَهُم عَلَى صَاحِب خُبَيْب زَيْد بْن الْدَّثِنَّة وَرَاحُوْا يَصِلُوْنَه هُو الْآَخَر عَذَابَا ..
**
أَسْلَم خُبَيْب قَلْبِه، وَأَمْرُه، وَمَصِيْرُه لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن .. وَأَقْبَل عَلَى نُسُكِه ثَابِت الْنَّفْس، رَابِط الْجَأْش، مَعَه مِن سُكَيْنَة الْلَّه الَّتِي افَاءَهَا عَلَيْه مَا يُذِيْب الْصَّخْر، وَيُلْاشِي الْهَوْل ..
كَان الْلَّه مَعَه .. وَكَان هُو مَع الْلَّه .. كَانَت يَد الْلَّه عَلَيْه، يَكَاد يَجِد بَرَد أَنَامِلَهَا فِي صَدْرِه ..!
دَخَلَت عَلَيْه يَوْمَا احْدَى بَنَات الْحَارِث الَّذِي كَان أَسِيْرَا فِي دَارِه.. فَغَادَرْت مَكَانَه مُسْرِعَة الَى الْنَّاس تُنَادِيْهِم لِكَي يُبْصِرُوْا عَجَبا ..
" وَالْلَّه لَقَد رَأَيْتُه يَحْمِل قِطْفا كَبِيْرَا مِن عِنَب يَأْكُل مِنْه .. وَانْه لَمُوَثَّق فِي الْحَدِيْد.. وَمَا بِمَكَّة كُلَّهَا ثَمَرَة عِنَب وَاحِدَة.. مَا أَظُنُه الَا رِزْقا رَزَقَه الْلَّه خُبَيْبا "..!!
أَجَل آَتَاه الْلَّه عَبْدَه الْصَّالِح ,، كَمَا آَتِى مِن قَبْل مَرْيَم بِنْت عِمْرَان، يَوْم كَانَت: ( كُلَّمَا دَخَل عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب وَجَد عِنْدَهَا رِزْقا قَال يَا مَرْيَم أَنَّى لَك هَذَا قَالَت هُو مِن عِنْد الْلَّه إِن الْلَّه يَرْزُق مَن يَشَاء بِغَيْر حِسَاب ).
يتبع ..[/size] | |
|
باندة الاسكندرية بنوتة برونزية
عدد المساهمات : 490 تاريخ التسجيل : 29/11/2010 الجنس : العمر : 50
| موضوع: رد: بطل فوق الصليب الجمعة ديسمبر 31, 2010 1:02 am | |
| وَحَمَل الْمُشْرِكُوْن الَى خُبَيْب نَبَأ مَصْرَع زَمِيْلُه وَأَخِيْه زَيْد رَضِي الْلَّه عَنْه .. ظَانِّيَن أَنَّهُم بِهَذَا يَسْحَقُون أَعْصَابَه، وَيُذِيقُونَه ضِعْف الْمَمَات .. وَمَا كَانُوْا يَعْلَمُوْن أَن الْلَّه الْرَّحِيْم قَد اسْتَضَافِه ,, وَأَنْزَل عَلَيْه سَكِيْنَتَه وَرَحْمَتُه ..
وَرَاحُوْا يُسَاوِمُوْنَه عَلَى ايْمَانَه ، وَيُلَوِّحُون لَه بِالْنَّجَاة .. اذَا مَا هُو كُفْر بـ مُحَمَّد ,، وَمِن قَبْل بـ رَبُّه الَّذِي آَمَن بِه .. لَكِنَّهُم كَانُوْا كَمَن يُحَاوِل اقْتِنَاص الْشَّمْس بِرَمْيَة نُبْل ..!!
أَجَل، كَان ايْمَان خُبَيْب كَالْشَّمْس قُوَّة ، وَبُعْدَا ، وَنَارا , وَنُوْرَا .. كَان يُضِيَء كُل مَن الْتَمَس مِنْه الْضَّوْء ,، وَيُدَفِّئ كُل مَن الْتَمَس مِنْه الِدِفْء ,,
وَاذ يَئِسُوْا مِمَّا يَرْجُوَن ,، قَادُوْا الْبَطَل الَى مَصِيْرُه ,، وَخَرَجُوْا بِه الَى مَكَان يُسَمَّى الْتَّنْعِيم حَيْث يَكُوْن هُنَاك مَصْرَعِه ..
وَمَا ان بَلَغُوه حَتَّى اسْتَأُذْنْهُم خُبَيْب فِي أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْن ,، وَأَذِنُوا لَه ظَانِّيَن أَنَّه قَد يَجْرِي مَع نَفْسِه حَدِيْثا يَنْتَهِي بِاسْتِسْلامَه .. وَاعْلَان الْكُفْرَان بِاللَّه وَبِرَسُوْلِه وَبِدَيْنِه ..
وَصَلَّى خُبَيْب رَكْعَتَيْن فِي خُشُوْع وَسَلَام وَاخْبَات ... وَتَدَفَّقَت فِي رُوْحِه حَلَاوَة الْايْمَان .. فَوَد لَو يَظَل يُصَلِّي، وَيُصَلِّي وَيُصَلِّي .. وَلَكِنَّه الْتَفَت صَوْب قَاتِلِيْه وَقَال لَهُم:
" وَالْلَّه لَوْلَا تَحْسَبُوْا أَن بِي جَزَعَا مِن الْمَوْت، لِازْدَدْت صَلَاة "..!!
ثُم شَهْر ذِرَاعِه نَحْو الْسَّمَاء وَقَال: " الْلَّهُم احْصِهِم عَدَدَا .. وَاقْتُلْهُم بَدَدَا "..
ثُم تَصَفُّح وُجُوْهُهُم فِي عَزْم وَرَاح يُنْشِد: وَلَسْت أُبَالِي حِيْن أُقْتَل مُسْلِمَا عَلَى أَي جَنَّب كَان فِي الْلَّه مَصْرَعِي
وَذَلِك فِي ذَات الالَه وَان يَشَأ يُبَارِك عَلَى أَوْصَال شِلْو مُمَزَّع
وَلَعَلَّه لِأَوَّل مّرَّة فِي تَارِيْخ الْعَرَب يَصْلِبُون رَجُلا ثُم يَقْتُلُوْنَه فَوْق الْصَّلِيْب .. وَلَقَد أَعِدُّوْا مِن جُذُوْع الْنَّخْل صَلِّيْبا كَبِيْرا ثَبَتُوْا فَوْقِه خُبَيْبا .. وَشَدُّوا فَوْق أَطْرَافِه وَثَاقَه .. وَاحْتَشَد الْمُشْرِكُوْن فِي شَمَاتَة ظَاهِرَة .. وَوَقَف الْرُّمَاة يَشْحَذُون رِمَاحُهُم ..
وَجَرَت هَذِه الْوَحْشِيَّة كُلُّهَا فِي بُطْء مَقْصُوْد امَام الْبَطَل الْمَصْلُوْب ..!! لَم يُغَمِّض عَيْنَيْه، وَلَم تُزَايَل الْسَّكِينَة الْعَجِيْبَة الْمُضِيئَة وَجْهَه ..
وَبَدَأَت الْرِّمَاح تَنُوْشُه ، وَالْسُّيُوْف تَنْهَش لَحْمِه ..
وَهْنَا اقْتَرَب مِنْه أَحَد زُعَمَاء قُرَيْش وَقَال لَه : " أَتُحّب أَن مُحَمَّدا مَكَانَك، وَأَنْت سَلِيْم مُعَافَى فِي أَهْلِك "..؟؟
وَهْنَا .. لَا غَيْر .. انْتَفَض خُبَيْب كَالاعْصَار وَصَاح فِي قَاتِلِيْه: " وَالْلَّه مَا أُحِب أَنِّي فِي اهْلِي وَوَلَدَي، مَعِي عَافِيَة الْدُّنْيَا وَنَعِيْمِهَا، وَيُصَاب رَسُوْل الْلَّه بِشَوْكَة "..
نَفْس الْكَلِمَات الْعَظِيْمَة الَّتِي قَالَهَا صَاحِبُه زَيْد وَهُم يَهُمُّون بِقَتْلِه ..! نَفْس الْكَلِمَات الْبَاهِرَة الْصَّادِعَة الَّتِي قَالَهَا زَيْد بِالْأَمْس .. وَيَقُوْلُهَا خُبَيْب الْيَوْم ..
مِمَّا جَعَل أَبَا سُفْيَان، وَكَان لَم يُسَلِّم بَعْد، يَضْرِب كَفّا بِكَف وَيَقُوْل مَشْدُوْهَا: " وَالْلَّه مَا رَأَيْت أَحَدا يُحِب أَحَدا كَمَا يُحِب أَصْحَاب مُحَمَّد مُحَمَّدا "..!!
**
كَانَت كَلِمَات خُبَيْب هَذِه ايذَانَا لِلْرِّمَاح وَلَلْسُّيُوف بِأَن تَبْلُغ مِن جَسَد الْبَطَل غَايَتَهَا ، فَتَّنَاوشُه فِي جُنُوْن وَوَحْشِيَّة ..
وَقَرِيِبَا مِن الْمَشْهَد كَانَت تُحَوِّم طُيُوْر وَصُقُوُر. كَأَنَّهَا تَنْتَظِر فَرَاغ الْجَزَّارِيْن وَانْصِرَافِهِم .. حَتَّى تَقْتَرِب هِي فَتَنَال مِن الْجُثْمَان وَجْبَة شَهِيَّة ..
وَلَكِنَّهَا سَرَعَان مَا تَنَادَت وَتَجَمَّعَت، وَتَدانَت مَنَاقِيْرُهَا كَأَنَّهَا تَتَهَامَس وَتُتَبَادَل الْحَدِيْث وَالْنَّجْوَى .. وَفَجْأَة طَارَت تَشُق الْفَضَاء، وَتَمْضِي بَعِيْدَا .. بَعِيْدَا ..
لَكَأَنَّهَا شَمَّت بَحَاسَتِهَا وَبِغَرِيزْتِهَا .. عَبِيّر رَجُل صَالِح أَوَّاب يَفُوْح مِن الْجُثْمَان الْمَصْلُوْب ,، فَخَجِلَت أَن تَقْتَرِب مِنْه أَو تَنَالُه بِسُوَء ..!!
مَضَت جَمَاعَة الْطَّيْر الَى رِحَاب الْفَضَاء مُتَعَفَّفة مُنْصِّفَة. وَعَادَت جَمَاعَة الْمُشْرِكِيْن الَى أَوْكَارِهَا الْحَاقِدَة فِي مَكَّة بَاغِيَة عَادِيّة .. وَبَقِي الْجُثْمَان الْشَّهِيْد تَحْرُسُه فِرْقَة مِن الْقُرَشِيِّين حَمَلَة الْرِّمَاح وَالْسُّيُوْف ..!!
كَان خُبَيْب عِنَدَمّا رَفَعُوه الَى جُذُوْع الْنَّخْل الَّتِي صَنَعُوَا مِنْهَا صَلِّيْبا ,، قَد يَمَّم وَجْهَه شَطْر الْسَّمَاء وَابْتَهِل الَى رَبِّه الْعَظِيم قَائِلا : " الْلَّهُم انّا قَد بَلِّغْنَا رِسَالَة رَسُوْلِك فَبَلِّغْه الْغَدَاة مَا يَصْنَع بِنَا"..
وَاسْتَجَاب الْلَّه دُعَاءَه..
فَبَيْنَمَا الْرَّسُوْل فِي الْمَدِيْنَة اذ غَمْرَه احْسَاس وَثِيْق بِأَن أَصْحَابِه فِي مِحْنَة .. وَتَرَاءَى لَه جُثْمَان أَحَدُهُم مُعَلَّقَا .. وَمَن فَوْرِه دَعَا الْمِقْدَاد بْن عَمْرِو، وَالزُّبَيْر بْن الْعَوَّام .. فَرَكِبَا فَرَسَيْهِمَا، وَمَضَيّا يُقْطَعَان الْأَرْض وَثْبَا ..
وَجَمْعُهُمَا الْلَّه بِالْمَكَان الْمَنْشُود ,، وَأَنُزِلا جُثْمَان صَاحِبِهِمَا خُبَيْب، حَيْث كَانَت بُقْعَة طَاهِرَة مِن الْأَرْض فِي انْتِظَارِه لتَضَمِه تَحْت ثَرَاهَا الْرَّطِيْب ..
وَلَا يَعْرِف أَحَد حَتَّى الْيَوْم أَيْن قَبْر خُبَيْب .. !!
وَلَعَل ذَلِك أَحْرَى بِه وَأَجْدَر ,، حَتَّى يَظَل مَكَانِه فِي ذَاكِرَة الْتَارِيْخ ,، وَفِي ضَمِيْر الْحَيَاة ,، بَطَلَا .. فَوْق الْصَّلِيْب ..!!!
إِنْتَهَى
دُمْتُم .. | |
|